التمويل.. المعضلة الأكبر أمام جهود مكافحة التغير المناخي
موقع جرين ورلد greeen world | مكافحة التغير المناخي، يركز الحديث عن العمل المناخي على مكافحة تداعيات الاحتباس الحراري، وسبل الحد من الانبعاثات الكربونية.. لكن تحقيق هذه الأهداف لا يمكن أن يحدث دون توفير التمويلات اللازمة التي تشكل حجر الأساس لنجاح أي جهود في هذا المجال.
تشير التقديرات إلى أن وصول العالم إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050 يتطلب استثمارات بنحو 125 تريليون دولار، بحسب “Vivid Economics” و”UNFCCC”.
وبشكل تفصيلي، فإن العالم يحتاج إلى ما يصل إلى 2.6 تريليون دولار سنويا خلال الفترة الممتدة بين 2021 و2025 قبل أن تزداد المبالغ المطلوبة بشكل أكبر في السنوات التالية.
على أرض الواقع، لا تزال الأرقام بعيدة عن ذلك بكثير، فخلال العام الماضي وصلت الاستثمارات في تحول الطاقة إلى رقم قياسي بلغ نحو 1.1 تريليون دولار.
لكن هذا الرقم يعني أن العالم يواجه فجوة في التمويلات المناخية المطلوبة بنحو 1.5 تريليون دولار وقد تصل إلى 1.7 تريليون سنويا حتى عام 2025 وهو رقم يفوق إجمالي التمويلات والاستثمارات المسجلة حاليا.
ومن الواضح أن إغلاق هذه الفجوة يتطلب تعاونا ومزيجا من الحلول التي لن تستطيع جهة واحدة القيام بها، فالبعض يركز على ضرورة تعزيز دور القطاع الخاص الذي ينبغي أن يسهم بنحو 70 بالمئة من هذه التمويلات وفقا لتقديرات “سيتي بنك”.
وبسبب هذه العملية التي لن يكون من السهل حلها، تتزايد الدعوات المطالبة بتحول أكثر عقلانية في قطاع الطاقة لتجنب الوقوع في فجوة نقص في الإمدادات قد تكون أشد حدة مما شهده العالم مؤخرا.
استثمارات وليست هبات
وتعليقا على هذا الأمر، قال أرنو لاشريه، الأستاذ المشارك في Skema Business School خلال حلقة هذا الأسبوع من برنامج “عالم الطاقة”، على شاشة “سكاي نيوز عربية”، إن التمويل يعتبر أحد التحديات الرئيسية التي تواجه جهود مكافحة تغير المناخ، لكنه دعا إلى عدم التركيز على القيمة الإجمالية الضخمة للمبالغ المطلوبة التي تم تقديرها بـ 125 تريليون دولار، حتى لا تثبط عزيمة الراغبين في المشاركة بهذا التحول المهم للطاقة.
وقال إنه يجب التركيز على مشروعات تحول الطاقة على أنها استثمارات في الأساس، “فهي لا تعد هدايا أو منحا أو أموالا ضائعة، وإنما استثمارات ستجلب عوائد لمن يقوم بها”.
وأشار إلى أنه من الضروري توضيح أهمية الاستثمار في مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة باعتبارها تصب في مصلحة الاقتصاد والتشغيل، وليس فقط الحفاظ على البيئة والحد من الاحتباس الحراري.
“نحتاج إلى تسويق هذه المشروعات والميزانيات المخصصة لها، بشكل مختلف، والتركيز على أنها مشروعات اقتصادية استثمارية، ستضيف لاقتصادات الدول وثرواتها، كما ستتيح فرصا مهمة للتشغيل وتدريب القوى العاملة، وبالتالي هي استثمارات لها عوائد مهمة”، بحسب ما قاله لاشريه.
وأضاف أنه من خلال هذا المنظور سوف تتشجع العديد من الدول على المشاركة في جهود تحول المناخ والإقدام على الاستثمار في مشروعات الطاقة النظيفة.
وضرب لاشريه مثلا بالاستثمارات التي تقوم بها دولة الإمارات والخليج عموما في مجالات الهيدروجين الأخضر ومحطات الطاقة الشمسية والرياح، “هذا استثمار سيكون له عائد، وهو يعتبر جزءا من مبلغ الـ 125 تريليون دولار الذي نتحدث عنه”
وأضاف أن الأمر نفسه ينطبق على ما تقوم به الصين والهند في مجالات الطاقة النظيفة وتحلية المياه، فهي في النهاية مشروعات اقتصادية ستدعم النمو في البلاد، إلى جانب فائدتها البيئية المهمة.
وقال لاشريه، إن هناك مثالا مهما على هذا الأمر، وهو شركة “مصدر” الإماراتية، التي تقوم بمشروعات للطاقة الشمسية في أفريقيا، ومشروعات لتحلية المياه، “فهي تعمل بشكل استثماري وتحقق عوائد جيدة”.
وأشار إلى أن الأسواق تتفهم أنه حان الأوان للاستثمار في مشروعات الطاقة النظيفة، وأنه من الضروري إعادة توجيه بوصلة التمويلات العالمية نحو هذه المشروعات المستدامة.
ودعا لاشريه إلى ضرورة مناقشة هذا الأمر في مؤتمر “COP28” الذي تستضيفه الإمارات هذا العام، من أجل زيادة الوعي حول أهمية هذه التمويلات على الجانبين الاقتصادي والمناخي.