«معلومات الوزراء» يطلق الإصدار الثالث من مبادرة «كلام في الاقتصاد»
بواسطه/ محمد علي
أعدّ مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار الإصدارة الثالثة من مبادرة “كلام في الاقتصاد” التي تتطرق إلى ملف “توطين وتعميق الصناعة المحلية في مصر”، نظرًا للأهمية المتزايدة لهذا الموضوع في ظل الأزمات الاقتصادية العالمية المتعاقبة. ويأتي ذلك في سياق الجهود التي يقوم بها المركز لرفع مستويات الوعي بأبرز القضايا الاقتصادية.
وأوضح أسامة الجوهري، رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، مساعد رئيس مجلس الوزراء، أن مبادرة “كلام في الاقتصاد” هي مبادرة دشّنها مركز المعلومات بمجلس الوزراء المصري، بهدف تعزيز التناول الإعلامي للعديد من قضايا الاقتصاد، بما يسمح بعرض الحقائق والاتجاهات ذات الصلة في سبيل رفع مستوى وعي المواطن المصري بتلك القضايا وأهميتها استنادًا إلى معلومات موثوقة.
ولفت مساعد رئيس الوزراء إلى أن الإصدارة الثالثة من المبادرة تناولت الوضع الراهن للقطاع الصناعي العالمي والمصري، كما تطرقت إلى عدد من مؤشرات أداء قطاع الصناعة المصري، بما يشمل الناتج الصناعي والعمالة والاستثمارات الصناعية، إضافةً إلى الوقوف على تجارب توطين الصناعة وتعميقها في عدد من الدول الصناعية الرائدة، وكذا التطرق إلى الجهود المبذولة من قِبَل الحكومة المصرية لتوطين وتعميق الصناعة المحلية.
فعلى صعيد قطاع الصناعة العالمي، أشارت الإصدارة إلى أن الناتج الصناعي العالمي قد سجل ارتفاعًا بنحو 19.3% عام 2021، ليبلغ حوالي 26.6 تريليون دولار، وبما يمثل نحو 28% من الناتج الإجمالي العالمي مقارنة بمستويات الناتج الصناعي العالمي والبالغة نحو 22.3 تريليون دولار المُسجَلة عام 2020، والذي انخفضت فيه مستويات الناتج الصناعي نتيجة التداعيات الناجمة عن جائحة “كورونا”، وبمساهمة للدول ذات الدخل المرتفع في الناتج الصناعي قدرت بنحو 51.5% في عام 2021 بما يوازي نحو 13.7 تريليون دولار، وذلك وفقًا لأحدث بيانات للبنك الدولي.
وعلى مستوى المناطق الجغرافية، سجلت منطقة شرق آسيا والباسيفيك المرتبة الأولى من إجمالي الناتج الصناعي العالمي بقيمة 11.4 تريليون دولار بنسبة 42.6%، فيما سجلت الصين، المرتبة الأولى عالميًّا في الناتج الصناعي بقيمة نحو 7 تريليونات دولار وبنسبة 26.3% من إجمالي الإنتاج الصناعي العالمي.
أمّا عن الناتج الصناعي في الدول العربية عام 2021، فقد تصدرت السعودية المركز الأول في قائمة الدول العربية، والمرتبة 13 عالميًّا من حيث الإنتاج الصناعي بقيمة 379.4 مليار دولار، تليها دولة الإمارات الثانية عربيًّا والـ 17 عالميًّا بقيمة إنتاج صناعي بلغت 197.1 مليار دولار، ثم جاءت مصر في المرتبة الثالثة عربيًّا والمرتبة الـ 30 عالميًّا بقيمة 124.4 مليار دولار، يليها كل من العراق وقطر والجزائر.
وفيما يخص المتوسط العالمي لنسبة المشتغلين في القطاع الصناعي من إجمالي المشتغلين وفقًا لبيانات البنك الدولي، فقد بلغ المتوسط العالمي نحو 23.1%، وجاءت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مقدمة مناطق العالم بنسبة 27%.
هذا، وأشارت الإصدارة إلى أن القطاع الصناعي العالمي يواجه، في المرحلة الراهنة، تحديات متزايدة، منها: ارتفاع نسبة التضخم العالمي وصدمة أسعار الطاقة، والاضطرابات المستمرة في توريد المواد الخام والسلع الوسيطة، وتباطؤ الاقتصاد العالمي، وضعف الثقة، وارتفاع حالة عدم اليقين، الأمر الذي ترتب عليه تباطؤ نمو هذا القطاع في العديد من اقتصادات العالم.
وعلى المستوى القطاعي، وعلى الرغم من تباطؤ الناتج الصناعي في عدد من الدول، فما زالت الصناعات عالية التقنية في توسُّع، حيث بلغ معدل النمو السنوي للصناعات عالية التقنية نحو 2.4% عام 2022، كما شهدت الصناعات الكهربائية نموًّا قويًّا خلال عام 2022، بلغ 8.5% مدفوعًا بالابتكارات السريعة في التقنيات الرقمية بما يتوافق مع الطلب المتزايد والمتسارع على الإلكترونيات، وذلك في مقابل انكماش ناتج عدد من الصناعات متوسطة ومنخفضة التقنية.
أما على صعيد قطاع الصناعة المصري، فأشارت الإصدارة إلى أن القيمة المضافة للقطاع الصناعي بالأسعار الجارية خلال العام المالي 2021/2022 قد سجلت ارتفاعًا ملموسًا بنسبة 21.4% لتصل إلى نحو 1252.5 مليار جنيه، مقارنة بنحو 2.4% فقط للنمو المسجل خلال العام السابق عليه والذي تأثر بتداعيات جائحة “كورونا”. وتجدر الإشارة إلى أن القيمة المُحققة خلال العام المالي 2021/2022 هي أعلى قيمة مضافة للصناعات التحويلية في مصر بالأسعار الجارية منذ العام المالي 2001/2002. وجاء ذلك في ظل التعافي النسبي لقطاع الصناعة التحويلية والجهود الحكومية المبذولة لدعم أداء القطاع الصناعي في مصر والتغلب على عدد من التحديات التي تواجه القطاع.
وفيما يخص معدل النمو الحقيقي لقطاع الصناعات التحويلية فقد بلغ نحو 9.6% خلال العام المالي 2021/2022، مقارنةً بانكماش قدره 5.9% خلال العام المالي 2020/2021 الذي شهد التداعيات السلبية لجائحة كورونا، كما بلغ معدل النمو في صناعة تكرير البترول والصناعات التحويلية غير البترولية نحو 8.7% و9.8% على الترتيب.
ومن الجدير بالذكر أن متوسط نسبة مساهمة الصناعات التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي خلال العقدين الأخيرين قد بلغ نحو 16.9%. هذا وقد توزعت القيمة المضافة الإجمالية للصناعات التحويلية بين كل من صناعة تكرير البترول والصناعات التحويلية الأخرى بنسب مساهمة بلغت نحو 21% و79% خلال العام المالي 2021/2022، الأمر الذي يعكس الأهمية النسبية للصناعات التحويلية غير البترولية ومدى أهميتها من حيث الفرص الواسعة المتاحة للاستثمار والعمل بها.
وفيما يخص الاستثمارات المُنفذة بقطاع الصناعة التحويلية، أوضحت الإصدارة أنها قد بلغت نحو 51.7 مليار جنيه خلال العام المالي 2021/2022 مقارنة بنحو 31.2 مليار جنيه مسجلة خلال العام المالي السابق عليه، بمعدل نمو قدره 65.7%، وتجدر الإشارة إلى أن الاستثمارات المنفذة في قطاع الصناعات التحويلية قد شهدت طفرة كبيرة بدءًا من العام المالي 2017/2018، حيث تصاعد وبشكل ملموس متوسط إجمالي قيمة الاستثمارات المنفذة في قطاع الصناعات التحويلية من حوالي 75.8 مليار جنيه خلال الفترة (2002/2003- 2016/2017) إلى نحو 239.9 مليار جنيه استثمارات منفذة خلال الفترة الوجيزة (2017/2018 – 2021/2022)، بمعدل نمو بلغت نسبته 216.5% خلال تلك الفترة، الأمر الذي يعكس مدى اهتمام الحكومة خلال السنوات الأخيرة بزيادة الاستثمارات الموجهة لهذا القطاع، إضافة إلى الجهود الحثيثة المبذولة من قبل الدولة نحو تهيئة البيئة المناسبة لجذب الاستثمار الصناعي بنوعيه المحلي والأجنبي.
كما تجدر الإشارة في هذا الإطار، إلى توجيه خطة العام المالي 2023/2024 لاستثمارات تُقدر بنحو 101 مليار جنيه لقطاع الصناعات التحويلية (بشقيه البترولي وغير البترولي) بمعدل نمو حوالي 20% عن الاستثمارات المتوقعة للقطاع في العام السابق والبالغة نحو 84 مليار جنيه، ومن المستهدف أن تولِد هذه الاستثمارات ناتجًا صناعيًا بنحو 393 مليار جنيه خلال العام المالي 2023/2024 بمعدل نمو حوالي 21% مقارنة بقيمة الناتج الصناعي المتوقع للعام المالي 2022/2023.
وفيما يتعلق بالصادرات الصناعية، فقد شهد العام المالي 2021/2022 زيادة تلك الصادرات بنسبة ملحوظة بلغت نحو 32.8% لتصل إلى حوالي 22.2 مليار دولار، مقارنة بنحو 16.7 مليار دولار مُحققة خلال العام المالي السابق عليه. وقد مثلت الصادرات الصناعية نسبة قدرها 50.6% من إجمالي الصادرات المصرية خلال العام المالي 2021/2022.
وحول التجارب الدولية لتوطين وتعميق الصناعة، تناولت الوثيقة عددًا من التجارب الدولية لتوطين الصناعة المحلية وتطوير القطاع الصناعي، بما يشمل تجارب أفضل الدول الصناعية على مستوى العالم ممثلةً في: ألمانيا والصين واليابان وكوريا الجنوبية وأيرلندا وتايوان وسنغافورة، بناءً على تصنيف منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية الصادر عام 2022، والذي يعتمد على مؤشر الأداء الصناعي التنافسي (CIP)، وهو مؤشر مركب يعتمد على ثلاثة أبعاد تتمثل في: (القدرة على إنتاج وتصدير السلع المصنعة، العمق التكنولوجي والارتقاء به، والتأثير العالمي)، ويقيس قدرة بلد ما على إنتاج وتصدير الصناعات بشكل تنافسي. بالإضافة إلى ذلك تم التطرق لتجربة الهند، نظرًا لأهميتها المتصاعدة على الساحة العالمية، كما تم التعرض لتجربة كلٍ من الإمارات العربية المتحدة، بصفتها الدولة التي تحتل المركز الأول عربيًّا في مؤشر CIP، وتجربة المغرب نتيجة التقدم الكبير الذي حققته في صناعة السيارات.
وأشارت الوثيقة إلى أن ألمانيا، على سبيل المثال، تتمتع بواحد من أقوى الاقتصادات الصناعية في العالم، حيث يعد القطاع الصناعي محركًا للنمو والازدهار والتوظيف في ألمانيا مقارنة بالدول الأخرى التي تتشابه في العديد من الخصائص مع ألمانيا، وعلى مدى عقود عديدة، اكتسب المصنعون الألمان سمعة ممتازة في تقديم منتجات مبتكرة عالية الجودة. مُوضحة أن قطاع السيارات في ألمانيا يُعَد الصناعة الرئيسة في البلاد والعمود الفقري للصناعة، كما تُعَد ألمانيا الدولة الرائدة في أوروبا في ذلك القطاع بالإضافة إلى أنها قوة تصدير عالمية، وواحدة من أقوى الدول في العالم فيما يتعلق بمنتجات السيارات عالية التقنية، بما في ذلك تكنولوجيا القيادة الذاتية.
ولفتت الإصدارة إلى أن صناعة السيارات في ألمانيا تزدهر نتيجة لتنوع الشركات النشطة في هذا القطاع، حيث توجد شركات تصنيع سيارات كبيرة ومتوسطة الحجم على حد سواء، وكذلك مورِّدو الأنظمة والوحدات، ناهيك عن العديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة. وتعتمد ألمانيا بشكل كبير على مراكز البحث والتطوير لموردي السيارات والموردين الأوروبيين. ففي عام 2021 أنفقت شركات السيارات الألمانية ما يقرب من 28.3 مليار يورو على مشروعات البحث والتطوير.
كما لفتت الوثيقة، في السياق ذاته، إلى تحقيق الصين إنجازات كبيرة في التنمية الصناعية بعد فترة وجيزة من انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية في عام 2001، ويرجع ذلك إلى: انخفاض تكلفة العمالة، والتزام الصين بفتح اقتصادها، وانخفاض الرسوم الجمركية، والمساعدات التي تقدمها الدولة. وقد أطلقت الصين عام 2015، استراتيجية “صنع في الصين 2025” (MIC 2025) وهي خطة استراتيجية وطنية صناعية تسعى إلى تطوير قطاع التصنيع في الصين، حيث يهدف البرنامج إلى تحويل الصين من “مصنع العالم” إلى قوة عالمية رائدة في صناعات التكنولوجيا الفائقة مثل: الروبوتات والطيران ومركبات الطاقة الجديدة، وتستهدف الاستراتيجية رفع المحتوي المحلي للمكونات والمواد الأساسية إلى 40% بحلول عام 2020 و70% بحلول عام 2025. وبحلول عام 2049، الذي يواكب الذكرى المائة لتأسيس جمهورية الصين الشعبية، وتهدف الصين إلى احتلال مكانة مهيمنة في الأسواق العالمية.
وتهدف الاستراتيجية إلى دعم عشر صناعات رئيسة لتصبح الصين من خلالها قوة صناعية رائدة على مستوى العالم، ويأتي على رأسها صناعة تكنولوجيا المعلومات (الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والأجهزة الذكية، والروبوتات، والتعلم الآلي)، والطاقة الخضراء والمركبات الخضراء (كفاءة الطاقة، المركبات الكهربائية).
وتطرقت الإصدارة إلى التجارب الرائدة لعدد من الدول العربية في توطين وتعميق الصناعة بما يشمل تجربتي كل من الإمارات والمغرب، وأشارت إلى تركيز دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل كبير على تطوير قطاع الصناعة، ويظهر ذلك بوضوح في تحسنها في مؤشر الأداء الصناعي التنافسي (CIP)، حيث تقدمت 12 مركزًا خلال الفترة (2017-2019)، إذ تقوم الإمارات باستثمارات كبيرة في إنشاء صناعات الطيران والطاقة النووية والدفاع وتكنولوجيا المعلومات (المعالجة الدقيقة) والبتروكيماويات والتكنولوجيا النظيفة.
وتُعَد استراتيجية وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، التي انطلقت في عام 2021، أكبر وأشمل خطة لتطوير القطاع الصناعي في الدولة، وتعزيز مساهمته في تحفيز الاقتصاد الوطني. وتحمل الاستراتيجية اسم “مشروع 300 مليار” انطلاقًا من هدفها النهائي المتمثل في رفع مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي من 133 مليار درهم حاليًّا إلى 300 مليار درهم بحلول عام 2031.
وتهدف الاستراتيجية إلى تحقيق عدة أهداف رئيسة يأتي على رأسها تهيئة بيئة الأعمال المناسبة والجاذبة للمستثمرين المحليين والدوليين في القطاع الصناعي، ودعم نمو الصناعات الوطنية وتعزيز تنافسيتها، وتحفيز الابتكار، وتبني التكنولوجيا المتقدمة للارتقاء بالأنظمة والحلول الصناعية، ورفع مستوى الإنتاج، وخلق ميزات تنافسية في مجالات جديدة.
وعلى صعيد جهود توطين وتعميق الصناعة المحلية في مصر، أوضحت الإصدارة الثالثة من مبادرة “كلام في الاقتصاد” أن توطين الصناعة المحلية يُعَد أمرًا حتميًّا، في ضوء ما تشهده البلاد من تداعيات للأزمات العالمية التي ألقت بظلالها على الاقتصاد المصري كأزمة جائحة كورونا، ثم الصراع الروسي-الأوكراني، فضلًا عما تفرضه متطلبات المرحلة الثانية من خطط الإصلاح الاقتصادي، بما يحتم اتخاذ إجراءات تستهدف دورًا أكبر للدولة في مواجهة التداعيات الناتجة عن هذه التأثيرات ومن أبرزها “التضخم المستورد”.
ومن ثَمَّ، تتطلب خطط المواجهة الاقتصادية وجود مجموعة من السياسات تستهدف إعادة هيكلة الاقتصاد في مسار يدفع إلى تنمية قطاع الصناعة، وزيادة مساهمته في جميع جهود وخطط التنمية بصورة تتيح المجال أمام المنتج المصري، المصنوع محليًّا، ليحل محل مثيله الذي يتم استيراده من الخارج من ناحية، وينافس مثيله في السوق العالمية من ناحية أخرى.
وأشارت الإصدارة، في هذا السياق على وجه الخصوص، إلى الجهود التي تقوم بها الحكومة المصرية على عدد من الأصعدة بما يشمل الرؤى والاستراتيجيات القومية الهادفة إلى دعم القطاع الصناعي، والتدابير التي تم تبنيها مؤخرًا لتوفير الإطار التشريعي والتنظيمي والمؤسسي الملائم لدفع أداء قطاع الصناعة، علاوةً على الحوافز الاستثمارية المختلفة التي تم منحها للقطاعات الصناعية المختلفة، إضافةً إلى السياسات والإجراءات التي تم تبنيها لتوطين وتعميق الصناعة المحلية.
فعلى صعيد الرؤى والاستراتيجيات والخطط والمبادرات القومية الهادفة إلى دعم القطاع الصناعي أشارت الوثيقة إلى حِرص الحكومة على إطلاق الاستراتيجية الوطنية للتنمية الصناعية (2022/ 2023- 2026/2027)، والتي ترتكز على جذب الاستثمارات لتعميق الصناعة، من خلال استهداف قطاعات صناعية ذات أولوية تمتلك مصر فيها قاعدة تصنيعية وفرصًا ومزايا تنافسية على المستويين الإقليمي والعالمي، وذلك من خلال تقديم حزمة متكاملة من الحوافز والدعم الفني، بما يتناسب مع احتياجات كل قطاع صناعي. كما تعمل الاستراتيجية على رفع كفاءة تشغيل المجمعات الصناعية القائمة وتوجيهها للصناعات المُستهدفة للإحلال محل الواردات. وتسعى نحو إحراز عدد من الأهداف الأساسية بحلول عام 2026/2027، ومنها زيادة نصيب الصناعة إلى 20% من الناتج المحلي الإجمالي، مع الوصول إلى معدل نمو للصادرات الصناعية ما بين (18- 25%) سنويًّا.
كما تم، في ذات الإطار، إطلاق المرحلة الثانية من البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الذي يستهدف للمرة الأولى القطاع الحقيقي بإصلاحات هيكلية جذرية وهادفة، مما يُسهِم في زيادة مرونة الاقتصاد المصري، ورفع قدرته على امتصاص الصدمات الخارجية والداخلية، وتحويل مساره إلى اقتصاد إنتاجي يتمتع بمزايا تنافسية. ويرتكز المحور الأساسي لبرنامج الإصلاح على زيادة الوزن النسبي لقطاعات الصناعات التحويلية، والزراعة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إلى ما يتراوح بين 30% إلى 35% من الناتج المحلي الإجمالي.
في هذا السياق، لفتت الإصدارة إلى أنه بحسب أحدث التقارير الصادرة عن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية عن منجزات برنامج الإصلاحات الهيكلية، تمكَّن القطاع الصناعي من تحقيق المستهدف الكمي الخاص بالزيادة السنوية المستهدفة للصادرات السلعية غير البترولية بنحو 15%، حيث سجلت تلك الصادرات نموًا بنسبة 20% خلال الفترة (يناير – يونيو 2022). كما تم تحقيق المستهدف الكمي الخاص بالزيادة السنوية للصناعات الهندسية والإلكترونية البالغ 20%، وبلغت الزيادة المحققة خلال الفترة نفسها نحو 27%، فيما نما حجم الصادرات المصرية إلى الدول الإفريقية، بخلاف الدول العربية بنحو 27% خلال نفس الفترة مقارنة بمثيلتها من العام السابق.
وفي سياق مواصلة جهود تنفيذ الخطط القومية الهادفة إلى دعم القطاع الصناعي، تتابع الحكومة بشكل دوري تنفيذ الـ 100 إجراء الخاصة بتحفيز الاستثمار في القطاع الصناعي، والتي تم تنفيذ 81 إجراءً منها، وفق جدول زمني دقيق، أما الـ 19 إجراء المتبقية فهي قيد التنفيذ وفقًا لمدى زمني محدد، وذلك لكونها مرتبطة بتشريعات خاصة بتنظيم الصناعة وتشجيعها بما يتماشى مع المستجدات المحلية والعالمية.
من جانب آخر، قامت الحكومة بإطلاق استراتيجية تنمية صناعة السيارات، لتحقيق الهدف الاستراتيجي للدولة المصرية بتعميق صناعة السيارات داخل مصر، وكذا كل الصناعات المغذية لها، حتى يتم الاعتماد على الإنتاج المحلي قدر الإمكان، وفي هذا الصدد، قامت الحكومة بتوقيع اتفاقيات بقيمة 145 مليون دولار لتنفيذ استثمارات مع عدد (3) شركات سيارات، بحجم إنتاج مستهدف من 60 إلى 70 ألف سيارة سنويًّا، وذلك لتوطين صناعة السيارات محليًّا، وتقليل الفجوة الاستيرادية الكبيرة للسيارات، وتخصيص شريحة منها للتصدير.
وأكدت الوثيقة أيضًا حِرص الحكومة على ضمان البيئة التشريعية المحفزة للقطاع الصناعي، حيث تم إقرار منظومة إجراءات جديدة لتيسير إصدار التراخيص للمنشآت الصناعية وفقًا لقانون 15 لسنة 2017، كما أصبحت الهيئة العامة للتنمية الصناعية بموجب هذه الإجراءات مسؤولة نيابة عن المستثمر عن التنسيق مع الجهات المعنية لإصدار كافة الموافقات والتصاريح.
هذا وتم إصدار القانون رقم (153) لسنة 2022 للتجاوز عن نسبة 65٪ من غرامات وفوائد التأخير والضريبة الإضافية على متأخرات الضرائب والجمارك والضريبة العقارية، بشرط سداد أصل الضريبة قبل نهاية أغسطس 2022، وصدور قرار رئيس الوزراء رقم (3308) لسنة 2022 بشأن إجراءات التخصيص الفوري للأراضي الصناعية بأسعار ثابتة طبقًا لتكلفة المرافق.
كما سعت الدولة إلى تيسير البيئة التنظيمية للقطاع الصناعي من خلال العديد من الإصلاحات التنظيمية، وذلك بما يشمل توحيد إجراءات تخصيص الأراضي الصناعية بصدور القرار رقم (2100) الصادر عن رئيس مجلس الوزراء بجمع جميع جهات الولاية في لجنة واحدة، حتى لا يذهب المستثمر لأكثر من ولاية للحصول على الأراضي الصناعية. علاوة على تسعير الأراضي الصناعية في الجمهورية وتحديد أسلوب التعامل عليها سواء عن طريق التملك أو بحق الانتفاع.
وفيما يتعلق بإجراءات منح التراخيص، والتي كانت تشكل أحد أهم التحديات التي تواجه المستثمرين، تم تيسير إجراءات الحصول على رخص التشغيل خلال 20 يوم عمل للرخص التي تحتاج إلى موافقات مسبقة (ويشكل عددها نحو 15% من إجمالي الأنشطة الصناعية)، و7 أيام عمل فقط للرخص التي يتم الحصول عليها بنظام الإخطار (وتشكل 85%) من إجمالي الأنشطة الصناعية. كما قامت الحكومة بإنشاء وحدة برئاسة مجلس الوزراء لمتابعة التراخيص، ومتابعة المستثمرين المسجلين في قاعدة بيانات وزارة التجارة والصناعة. واستنادًا إلى ما سبق، تم إطلاق “منصة مصر الصناعية الرقمية” الموحدة للخدمات والتراخيص الصناعية، والتي شهدت رقمنة 381 خدمة حتى ديسمبر 2022، ليتم تقديمها إلكترونيًا.
وبهدف تخفيف الأعباء المالية على المصنعين، تم حصر إجمالي الرسوم غير الرسمية، التي يتم تحصيلها من المجمعات الصناعية، والتي لم يصدر بشأنها قانون، وذلك تنفيذًا لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2068 لسنة 2022، وإلزام جميع الجهات والهيئات والكيانات التابعة للدولة بعدم إصدار أي قرارات تنظيمية عامة تتعلق بإنشاء أو تشغيل المشروعات قد ينتج عنها إضافة أعباء مالية أو إجرائية، إلا بعد الحصول على موافقة رئيس مجلس الوزراء.
وفي سبيل تعزيز البنية الأساسية للقطاع الصناعي، تم الانتهاء من إنشاء 17 مجمعًا صناعيًّا بواقع 5046 مصنعًا في (15) محافظة، كما تم تسهيل الإجراءات وترفيق هذه المناطق، وتقسيط تكلفة توصيل المرافق لكي يبدأ التشغيل فورًا، وقد تم تخصيص 13 مجمعًا صناعيًّا، وجارٍ تخصيص أربعة مجمعات صناعية.
وأكدت الإصدارة اهتمام الحكومة بمنح القطاع الصناعي العديد من الحوافز الضريبية والاستثمارية على عدد كبير من الأصعدة، وذلك بما يشمل إنشاء وحدة الرخصة الذهبية، التي يمنحها مجلس الوزراء للشركات خلال عشرين يومًا فقط، وهي رخصة جامعة لكل التصاريح المطلوبة لبدء النشاط وتأسيس الشركات، وقيام وزير المــاليـة بإصدار القرار رقم (212) لسنة 2022 بتعليق أداء الضريبة على القيمة المضافة على الآلات والمعدات الواردة من الخارج للمصانع والوحدات الإنتاجية لمدة سنة من تاريخ الإفراج عنها، وإسقاط الضريبة فور بدء الإنتاج، وكذلك عن السلع أو الخدمات التي تُصدِّرها مشروعات المناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة للخارج، أو الواردة إليها.
كما أصدر وزير المالية، قرارًا بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون الضريبة على القيمة المضافة وتضمن القرار إلغاء شرط إلزام المنتج الصناعي بتقديم ضمانات “أصول المنشأة” أو “التأمين النقدي” أو خطاب الضمان البنكي للاستفادة بتعليق ضريبة القيمة المضافة المقررة بـ ٥٪ على الآلات والمعدات وخطوط الإنتاج الواردة من الخارج لاستخدامها في الإنتاج الصناعي أو تأدية خدمة، والاكتفاء بتقديم تعهد من المُنتج الصناعي يقدمه بنفسه أو من يُمثله قانونًا، معتمد بصحة توقيع من البنك لمصلحة الضرائب أو مصلحة الجمارك بسداد مبلغ الضريبة الذي سيتم تعليق أدائه في حالة استحقاقه والضريبة الإضافية.
فضلًا عما تقدَّم، تم تخصيص عدد من المخصصات المالية في موازنة العام المالي 2022/2023 لتشجيع القطاع الصناعي بما يشمل تخصيص (1.1) مليار جنيه بموازنة عام (2022/2023)، لاستكمال ترفيق (13) مجمعًا صناعيًّا بالمحافظات، (يوليو 2022). إضافةً إلى أن الخزانة تتحمل (6) مليارات جنيه سنويًا لدعم الكهرباء للقطاعات الصناعية، فضلًا عن تخصيص (3) مليارات جنيه ضمن حوافز مالية ضخمة تم الإعلان عنها لتعميق صناعة السيارات في مصر بدءًا من العام المالي الجديد، لتشجيع التحول لاستخدام الغاز والكهرباء.
إضافة إلى ذلك تحملت الخزانة العامة للدولة نحو (650) مليون جنيه قيمة “الحافز الأخضر” بالمبادرة الرئاسية لإحلال المركبات (أبريل 2023)، واستفاد منها أكثر من (26) ألف مواطن حتى أبريل 2023، وتسلموا سيارات جديدة، على نحو يسهم في الحد من تلوث الهواء، فضلًا عن تقليل الضغط على استهلاك المحروقات عن طريق استبدالها بالغاز الطبيعي.
كما قامت الدولة بتعليق الضريبة العقارية اعتبارًا من الأول من يناير 2023، ولمدة 3 سنوات، لـ (19) قطاعًا صناعيًّا وفقًا لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم (61) لسنة 2022، (أغسطس 2022)، بتكلفة إجمالية متوقعة بنحو (3.3) مليار جنيه، بما يسهم في دعم جهود الدولة الهادفة لتوطين الصناعة، وتمت إضافة مزارع الدواجن لتلك القطاعات وتعليق الضريبة العقارية عليها، ليصبح عدد القطاعات الصناعية المستفيدة بتعليق الضريبة العقارية عليها حتى مايو 2023 نحو (20) قطاعا صناعيا، وتتحمل الخزانة (5) مليارات جنيه سنويًا قيمة الضريبة العقارية عن القطاعات الصناعية والإنتاجية.
وبهدف تيسير نفاذ المشروعات الصناعية للتمويل، تم الإعلان عن مبادرة حكومية لدعم القطاعات الإنتاجية لمدة خمس سنوات، بهدف دعم وتشجيع القطاعات الإنتاجية، وتعزيز الإنتاج المحلي، من خلال التركيز على القطاعات ذات الأولوية، ولا سيما قطاعي الصناعة والزراعة، من أجل تحقيق المستهدفات التنموية والاقتصادية للدولة المصرية، وزيادة القدرة على مواجهة تداعيات الأزمات العالمية.
كما تم إصدار قرارين جمهوريين بإنشاء المجلس الأعلى للتصدير، والمجلس الأعلى للاستثمار، حيث تضمن الاجتماع الأول للمجلس الأعلى للاستثمار، بعد إعادة تشكيله، إصدار عدد 22 قرارًا، تمثل أهمها في: ترخيص مشروعات الصناعات القائمة على الغاز الطبيعي بنظام المناطق الحرة، وإتمام كافة الموافقات عند تأسيس الشركات في مدى زمني 10 أيام فقط، وإطلاق منصة إلكترونية موحدة لتأسيس المشروعات، وتعديلات تشريعية للتغلب على قيود تملك الأراضي، وتسهيل تملك الأجانب للعقارات، ونقل تبعية الأجهزة المُنظمة بقطاعات المرافق بما يضمن استقلاليتها.
وعلى صعيد جهود توطين وتعميق التصنيع المحلي، تم إعداد قائمة بعدد (152) فرصة استثمارية لمنتجات صناعية يمكن البدء في تصنيعها محليًّا بدلًا من استيرادها من الخارج، وتمثل تلك المنتجات فرصة جيدة أمام الشركات الراغبة في تعميق التصنيع المحلي وتقليل الاعتماد على المنتجات المستوردة، بما يعزز القدرات الإنتاجية للمنشآت الصناعية وتحسين مواردها. ومن ثم تحديد الفرص الاستثمارية بالقطاع الصناعي، بشكل تفصيلي داخل كل قطاع، والمتمثل فيما يلي: الصناعات الخشبية والأثاث، والصناعات الطبية والدوائية، والصناعات الغذائية والحاصلات الزراعية، والصناعات النسيجية، وصناعات الطباعة والتغليف، والصناعات الكيماوية، وصناعات مواد البناء والصناعات المعدنية، والصناعات الهندسية.
وبهدف حماية الصناعة المحلية، طبقًا لقرار رئيس الجمهورية رقم (218) لسنة 2022 بإصدار التعريفة الجمركية، تم خفض فئة “ضريبة الوارد” على أكثر من 150 صنفًا من مستلزمات ومدخلات الإنتاج، بما يساعد في تحقيق التوازن المطلوب بين الضريبة المفروضة على السلع تامة الصنع، والسلع الوسيطة والمواد الخام الأولية التي تدخل جزئيًّا أو كليًّا في إنتاجها، وذلك بما يحمي الصناعة ويحافظ على معدلات التشغيل والعمال.
كما تم إطلاق البرنامج القومي لتعميق التصنيع المحلي، من قِبل مركز تحديث الصناعة، بهدف زيادة تنافسية المنتجات المحلية المصرية لتكون بديلًا لمثيلاتها المستوردة، ودعم الأنشطة الإنتاجية في القطاعات الصناعية الواعدة، من خلال تطوير قاعدة صناعية متنوعة من الموردين المحليين توفر مُنتجًا بسعر مُنافس وبجودة عالية، ويعمل البرنامج على محورين أساسيين، هما: التكامل الرأسي: بواسطة تكوين شراكات مستدامة بين المنشآت الصناعية والموردين المحليين، والتكامل الأفقي: بواسطة دعم العمل الجماعي بين الموردين المحليين لتلبية احتياجات المنشآت الصناعية.
وشملت جهود الدولة لتوطين وتعميق الصناعة تأسيس المجلس التنفيذي لإحلال الواردات وتعميق المنتج المحلي برئاسة وزارة التجارة والصناعة، والذي يختص بتحديد ومتابعة الخطوات المقترحة لتنفيذ مشروعات الاستثمار الصناعي المستهدفة بمشاركة القطاع الخاص، مع توحيد الجهود والتنسيق بين الجهات ذات الصلة بملف إحلال الواردات وتعميق المنتج المحلي بشأن تحديد الأنشطة الصناعية المستهدفة لتحقيق الاستفادة المُثلى من إمكانات كل جهة، وضمان عدم تكرار الأنشطة الصناعية.