تغير مناخي

الإمارات تبدأ المراجعة الأولى لاستراتيجية الوصول لـ”الحياد المناخي”

 

 

كتب – محمد خير

أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 2017 استراتيجيتها للطاقة 2050، التي تعتبر أول خطة موحدة للطاقة في الدولة توازن بين جانبي الإنتاج والاستهلاك وبين الالتزامات البيئية العالمية، وتضمن بيئة اقتصادية مناسبة ومحفزة على النمو في جميع القطاعات عبر مزيج من الطاقة المتجددة والنووية والهيدروكربونية، لتلبية الاحتياجات الاقتصادية والأهداف البيئية.

وأكد وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي، في أكثر من لقاء، أن بلاده ستبدأ المراجعة الأولى لاستراتيجية الطاقة في مطلع عام 2023 تماشيا مع توجهات الإمارات للحياد المناخي، مؤكدا أن الإمارات تستهدف زيادة مشاركة مشاريع الطاقة النظيفة إلى 50% من مزيج الطاقة بحلول عام 2050.
وأشار الوزير إلى أن الدولة تستهدف استكشاف المزيد من الحلول والخطط التي تساعد في تحقيق هذا الهدف، وفق ما نقلته وكالة أنباء الإمارات “وام”.

وتشمل المراجعة الاستراتيجية للطاقة التوسع في الطاقة المتجددة وتنفيذ مشاريع جديدة بمجالات مثل طاقة الهيدروجين والطاقة الكهرومائية وتحويل النفايات إلى طاقة، مع دراسة الحلول التي يمكن اتباعها بخصوص الطرق التقليدية لإنتاج الكهرباء، لبحث إمكانية اعتماد التقاط غاز ثاني أكسيد الكربون بالتوازي مع دراسة التكلفة الاقتصادية لذلك.

الوضع الراهن..

يصل حجم الطاقة الإنتاجية للكهرباء في الإمارات حالياً إلى نحو 35 غيغاواط موزعة على مختلف مناطق الدولة، وسترتفع خلال السنوات المقبلة مع دخول العديد من المشاريع الجديدة بكامل طاقتها مثل محطات براكة للطاقة النووية السلمية ومجمع محمد بن راشد للطاقة الشمسية ومحطة الظفرة للطاقة الشمسية ومحطة الطويلة لتحلية المياه وغيرها من المشاريع الاستراتيجية، ة.

وتصل حصة مشاريع الطاقة النظيفة داخل الخدمة وقيد الإنشاء بالدولة إلى 24% من مزيج الطاقة، والمستهدف هو الوصول إلى 50% بحلول عام 2050.
وكشفت حكومة الإمارات أنها تعمل على مواكبة الطلب المتزايد على الطاقة من خلال اعتمادها على الغاز الطبيعي ومصادر طاقة متجددة ونظيفة وبناء العديد من محطات توليد الكهرباء الجديدة ذات الكفاءة العالية والصديقة للبيئة.

الحياد المناخي..

أصبح شعار “الحياد المناخي” شعارا جذابا للشركات يستخدمونه في عمليات التسويق، بل هناك دول أيضا تريد أن تصبح محايدة مناخيا، ولكن من الذي يحدد ما معنى “الحياد المناخي” ومن الذي يتحقق منه؟
يعد “الحياد المناخي” حجة قوية في معركة “التغير المناخي”، غير أن التعبير نفسه لا يحميه قانون العلامات التجارية وليس له تعريف عالمي.

وهناك أشياء كثيرة هذه الأيام يمكن شراؤها تحت علامة الحياد المناخي، بما في ذلك الرحلات جوية، كما أن هناك منتجات محايدة مناخيا تجد طريقها أيضًا إلى العديد من رفوف المحلات التجارية، ولكن لا يوجد ملصق موحد يمكن للمستهلكين استخدامه كدليل، هذا بالإضافة إلى غياب أي تقنين قانوني أو رقابة.

على سبيل المثال يحدد البرلمان الأوروبي “الحياد المناخي” بعدم انبعاث غازات دفيئة أثناء عملية التصنيع أو أثناء توفير خدمة معنية، ولكن الأمر ليس بهذه البساطة، يمكن أيضًا تحقيق الحياد المناخي من خلال التعويض عموماََ.

هذا يعني أن الغازات الضارة بالمناخ لا يتم تقليلها في عملية الإنتاج، بل العمل على تعويضها لاحقًا، من خلال دفع بضعة يوروهات أثناء شراء تذكرة سفر عبر الطائرة كرسوم على الانبعاثات، فهذا لا يقلل من انبعاثات كيروسين هذه الرحلة الجوية، بقدر ما أنه سيتم استخدام هذه الأموال المستخلصة، على سبيل المثال، لإعادة تشجير غابة ما، وبالتالي المساهمة في الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وحماية المناخ.

المبادرة الإماراتية..

تعد الإمارات أول دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والخليج العربي تعلن عن هدفها لتحقيق الحياد المناخي، وتوفر المبادرة فرصاً جديدة للتنمية المستدامة والتقدم الاقتصادي، كما تسهم في ترسيخ مكانة الدولة وجهةً مثالية للعيش والعمل وإنشاء المجتمعات المزدهرة.

وتتواءم المبادرة مع أهداف “اتفاق باريس للمناخ” لتحفيز الدول على إعداد واعتماد استراتيجيات طويلة المدى لخفض انبعاث غازات الدفيئة والحد من ارتفاع درجات حرارة الأرض دون الدرجة ونصف الدرجة المئوية إلى درجتين، مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية.

التنسيق..

تتولى وزارة التغير المناخي والبيئة قيادة وتنسيق جهود تحقيق الحيادية المناخية وضمان التكامل على المستوى الوطني لتنفيذ هذا القرار، وستقوم كافة الجهات المعنية في القطاعات الرئيسية، مثل الطاقة والاقتصاد والصناعة والبنية التحتية والنقل والنفايات والزراعة والبيئة، بتحديث الخطط والاستراتيجيات والسياسات ذات العلاقة وتنفيذ المبادرات والمشاريع.

التي من شأنها تحقيق الحيادية المناخية مع حلول 2050 بما يتماشى مع احتياجات ومتطلبات النمو في مختلف القطاعات عموماََ.
وتقوم الجهات والهيئات المختصة في الدولة على المستويين الاتحادي والمحلي بإعداد دراسات شاملة ومفصلة بهدف تطوير الخطط واتخاذ الإجراءات اللازمة للوصول للحياد المناخي بحلول عام 2050، مع ضمان النمو الاقتصادي المستدام.

الطاقة المتجددة..

يمثل نشر واستخدام حلول الطاقة النظيفة إحدى الركائز الرئيسية في نموذج الإمارات في العمل من أجل المناخ وخفض انبعاثات غازات الدفيئة، حيث تستهدف دولة الإمارات ضمن استراتيجية الطاقة حتى عام 2050 مزيجاً من مصادر الطاقة المتجددة والنووية والنظيفة، لضمان تحقيق التوازن بين الاحتياجات الاقتصادية والأهداف البيئية باستثمارات تبلغ 600 مليار درهم حتى 2050، لضمان تلبية الطلب على الطاقة.

وتهدف الاستراتيجية إلى رفع كفاءة الاستهلاك الفردي والمؤسسي بنسبة 40%، ورفع مساهمة الطاقة النظيفة في إجمالي مزيج الطاقة المنتجة في الدولة إلى 50%، منها 44% طاقة متجددة و6% طاقة نووية، وتحقيق توفير يعادل 700 مليار درهم حتى عام 2050، بالإضافة إلى خفض الانبعاثات الكربونية من عملية إنتاج الكهرباء بنسبة 70% خلال العقود الثلاثة المقبلة بشكل عام .

وتحرص حكومة الإمارات بمختلف جهاتها على تنفيذ المبادرات الهادفة إلى الحد من الانبعاثات، بما يتماشى مع أفضل الممارسات العالمية، وذلك عبر تبني التكنولوجيا المبتكرة، وتطوير الحلول المستدامة التي تدعم التحول الأخضر.
ودعمت الإمارات تنفيذ العديد من مشاريع البنية التحتية والطاقة النظيفة عالمياً، كما تعزز نشر واستخدام حلول الطاقة المتجددة في الدول النامية، حيث استثمرت في مشاريع للطاقة المتجددة في 70 دولة.

الريادة في مجال الهيدروجين..

“خارطة طريق الريادة في مجال الهيدروجين” هي خطة وطنية شاملة أطلقتها دولة الإمارات لدعم الصناعات المحلية منخفضة الكربون، والمساهمة في تحقيق الحياد المناخي، وتعزيز مكانة الدولة كمُصدر للهيدروجين.
وتستهدف الإمارات حصة 25% من حصة السوق من الهيدروجين ومشتقاته منخفضة الكربون في أسواق الاستيراد الرئيسية بحلول عام 2030 مع التركيز الآلي على اليابان وكوريا الجنوبية والهند وأوروبا، بينما تسعى بالتوازي إلى فرص التصدير عبر الأسواق الأخرى.

وفي هذا الصدد، تم الإعلان رسميا عن أكثر من 7 مشاريع مخطط لها لتقديم 0.5 مليون طن سنويا من الهيدروجين هي:

– مركز الرويس الكيميائي، وهو مصنع لإنتاج الأمونيا الزرقاء بسعة 1 طن متري في السنة يقع في مركز “تعزيز” للكيماويات، بقدرة مكافئة للهيدروجين تبلغ 0.2 مليون طن في السنة.
– مصدر -مصنع تجريبي- للهيدروجين الأخضر في البداية للنقل البري، ثم التوسع إلى تصنيع الكيروسين الإلكتروني.
– مركز الإمارات للهيدروجين، التطوير الأولي لقدرة 1
غيغاواط من الهيدروجين منخفض الكربون بالتعاون مع شركة بريتيش بتروليوم، بالإضافة إلى ممرات هوائية رائدة خالية من الكربون بين المملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة.

بسعة تعادل 0.1- 0.2 مليون طن هيدروجين سنويا.
– مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، وهو أول منشأة لإنتاج الطاقة الشمسية الكهروضوئية والهيدروجين الأخضر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
– مدينة خليفة الصناعية، والهدف النهائي هو إنتاج من 200 كيلو طن من الأمونيا و40 ألف طن من الطاقة الإنتاجية السنوية للهيدروجين.
– مشروع الأمونيا الخضراء لشركة طاقة وموانئ أبوظبي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *